أخبار السينما و المسرح Casting pro
  ...المسرح المغاربي و موقعه
 
 
       الحديث عن المسرح في المغرب العربي ليس وليد اليوم، بل إن كل الفنانين والمثقفين المغاربيين طرحوا هذا الموضوع في جميع اللقاءات والمهرجانات الفنية والثقافية سواء الثنائية منها أو الجمعية، فكلما سنحت الفرصة إلا ويطرح السؤال: عن أي مسرح مغاربي نتحدث’ وكيف يمكن تصور نظرة موحدة للمسرح لهذا القطر العربي , وكيف يمكن التوحيد والجمع بين الفرقاء المسرحيين بانتماءاتهم القطرية والإقليمية، وتوجهاتهم الثقافية والفنية، كل الأسئلة المستنبتة تكون موطأ أقدام المهتمين بمجرد أن تسنح الفرصة لذلك.
واليوم ونحن نعيش الدورة الرابعة لمهرجان المسرح المغاربي بالعاصمة الإسماعيلية، يأتي السؤال الأكثر أهمية/موضوع الندوة للدفع بالجانب الرسمي إلى اتخاذ القرار السياسي لكي تكون الثقافة ويكون الفن محورا أساسيا ضمن محاور ميثاق المغرب العربي. كل الدول المتقدمة انبنت حضاراتها العصرية، وبنت تقدمها ورقيها وقوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية على سؤال الثقافة، فكانت هذه الأخيرة هي الضوء الذي أنار للمسؤولين الطريق والموجه الأساسي للسياسي، بل إن الفنانين والمثقفين والفلاسفة سواء في أوربا أو أمريكا أو جنوب آسيا(اليابان، كوريا، الصين.....)هم من كان وراء النظريات الفاعلة والتصورات الفلسفية والفكرية التي انبنت عليها السياسات الاستثمارية للنهوض بمجتمعاتها والرقي بها، خاصة بعد الحربين العالميتين، وبالتالي الوصول إلى بناء دول كبيرة قادرة على مواجهة أي مشكل مهما كان حجمه أو مصدره..
واليوم والمسرحيون المغاربيون يحتفلون بمهرجانهم الرابع ، أبوا إلا أن يفكروا بجد وحزم في كيفية تفعيل تصوراتهم وإحساساتهم اتجاه وحدة المغرب العربي، وهم يطرحون الإشكاليات تلو الأخرى، والأسئلة الثقافية والفنية والمرتبطة بدور المسرحي في توجيه السياسي ودفعه إلى اختيار صهوة الوحدة الثقافية والفنية الموجودة والمتوفرة للوصول إلى البناء الفعلي للمغرب العربي وتحريك كل المبادرات البناءة للتفعيل الرسمي للميثاق الوحدوي الذي سيبقى ناقصا دون حضور الجانب الثقافي والفني فيه بكل قوة.
إن المسرحيين المغاربيين وهم يوحدون جهودهم اليوم بمكناس، يوجهون النداء من أجل العمل على توحيد دول المغرب العربي من أجل تجاوز كل الخلافات والعراقيل المفتعلة والوهمية التي تؤدي حتما إلى التفرقة في الوقت الذي تطمح فيه شعوب المنطقة إلى الوحدة خاصة وأن ما يجمعها من الأواصر الدموية والأسرية والعادات والتقاليد والثقافة والفن ناهيك عن أواصر العروبة والإسلام، يمكن أن يدفن إلى الأبد كل ما يمكن أن يؤدي إلى التفرقة والعدوانية.
الحرب تعلم الحرب، والحياة تعلم الحياة، والسلام يعلم السلام ....... لكن المسرح يمكن أن يعلم الإنسان كيف عليه أن يحيا بسلام، نظرا للرسالة النبيلة التي يقوم بها بكل توجهاته واختياراته حتى في زمن الحرب، ولأن المسرح هو تلك النبوءة الغير معلنة، التي تجعل الإنسان محورا ، وعلاقاته مركز الاهتمام، إنها تبيح عبر تجليات الخشبة سواء للممارس أو للمتلقي إمكانية سؤال التطوير والتجاوز والرقي بالذوق الفني والتصور الفكري والوصول إلى إعدام السلبي سواء كان شخصيا متجليا عبر سيكولوجيات مختلفة وعقد متباينة وعلاقات غير متكافئة ووجود غير مدرك لواقعيته، أو عبر التفاعل مع المحيط والثقافة والسياسة.....
إذن، فسؤال الثقافي والفني في ميثاق المغرب العربي معقول إلى درجة ضرورة جعله صهوة الأمان والسلام والتطور والتقدم، وضروري إلى درجة العقلية الناضجة التي تبتعد عن النظرة الشوفينية والأحادية، نظرا للتكتلات الإقليمية التي يعيشها العالم في ظل تهديدات العولمة التي لا ترحم الضعيف، وما تحمله من خطورة على الخصوصية وعلى وجود الإنسان وحقه في الحياة مهما كانت نزعاته. والتفرقة لن يؤدي ثمنها حتما سوى الشعوب المغاربية.
على المسرح إذن أن يلعب دوره في التقريب بين مختلف التصورات والمفاهيم، وأن يخلخل كل المقاربات التقليدية ويخلق جوا من الحداثة لأنه قادر على خلق الممكن من المستحيل في حدود المعقول، ولعله بدأ في رسم خطوط كبرى لأدواره، عبر إشكالية دعم وتنشيط التعاون الثقافي والفني بين دول المغرب العربي / موضوع الندوة.
بقلم: أحمد الرجواني      
 
   
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement